قراءة
في صحافتنا
بقلم : الأستاذ
أشرف شعبان أبو أحمد / جمهورية مصر العربية (*)
تُطَالِعنا
الجرائدُ الحكوميةُ وبعضٌ مما يسمون أنفسهم بجرائد المعارضة في كثير من الدول التي
تتصف بنشاط ظاهر لأبناء الصحوة الإسلامية فيها بالآتي :
وصلت
إلى قيادتنا معلوماتٌ خطيرة وأنباءٌ غايةٌ في الأهمية عن نية بعض المجموعات
القيامَ بالتخطيط لإثارة القلاقل، ممايُعَكِّر صفوَ الأمن العامّ ويُؤَثِّر على
استقرار الأمن القوميّ. وعلى الفور تَمَّ تكليفُ الوزارات والهيئات المختصة
لتتولَّى الأمرَ، فقامت قيادتُها بدراسة هذه المعلومات بعناية فائقة ودقة متناهية،
وواصلت تحريّاتِها ليلَ نهارَ وبعد طول رصد ودراسة تَمَّ تحديدُ أسماء ومواقع أهمّ
قادة هذه المجموعات وأماكن تَمَرْكُزِهم ونيّة تحرّكهم وهدف خُطَطِهم وحجم قواتهم
ونوعية الأسلحة لديهم ومخازنها، ووضعت خريطة مفصلة وموضحة لذلك .
تَمَّ
إعدادُ خطة مُحْكَمَة التنفيذ في غاية من السريّة لبدء المعركة الفاصلة والحاسمة
للتصفية النهائية لهذه المجموعات، تعتمد هذه الخطةُ أوّلاً على تحقيق عنصر
المُفَاجَأَة وعلى استخدام أكبر قدر من القوّات في آن واحد، لضمان شدة الضربة
وقوتها، على أن يقوم بإنجازها ثلاثةُ أَفْرُع من القوات هي : القواتُ الجويّةُ؛
حيث تستخدم طائراتِ الهليكوبتر في عمليات الاقتحام نظرًا للطبيعة الجغرافية
للمنطقة والتي تتميّز بوجود مغارات وكهوف وسطَ الجبال؛ القوّاتُ البحريّة؛ حيث
تستخدم اللنشات المسلحة والقوارب المَطَّاطِيّة ورجال الضفادع البشرية والإنقاذ
النهريّ المحاصرة أماكن تَجَمُّعِ هذه المجموعات من الناحية البحرية، قوات المشاة؛
حيث تَمَّ حشدُ أكبر عدد من الجنود لهذه المهمة القتالية وَتمَّ اختيارُ رجال هذه
المهمة من رجال العمليات الخاصّة والكوماندوز، وهي قواتٌ عاليةُ المستوى في
التدريب والاقتحام ومُزَوَّدَة بأحدث الأسلحة، كما تعتمد الخطةُ كذلك على قطع خطوط
الاتّصال والإمداد بين أعضاء هذه المجموعات مما يُؤَدِّي إلى ارتباكهم وتشتتهم ،
وقد تَمَّ عرضُ هذه الخطة على القيادات العليا لمباركتها والموافقة عليها .
ومع
بزوغ أول ضوءٍ للنهار في فجر أحد الأيام امْتَلأَ الطريقُ من العاصمة إلى أماكن
تَمَرْكُز هذه المجموعات بالمُصَفَّحَات والمُدَرَّعَات وجميع أنواع الأسلحة
والمُعَدَّات وحاملات العسكر والمُؤَن والعُتَاد، تسبقهم وتُلاَزِمهم وتحفُّهم
دعواتٌ وابتهالاتٌ وامنيّاتُ كبار مشايخ وعلماء السلطة المسؤولين، وفورَ وصول هذه
القوات اتَّخدتْ مواقعَها كما هو مُحَدَّد في الخطة المُتَّفَق عليها سلفًا وشَرَعَتْ
في الإعداد لساحة المعركة والتجهيز الميدانيّ لجبهة القتال كما نصبت الكمائنَ لمنع
هروب أيّ من فلول هذه المجموعات، ومع بداية ساعة الصفر شَنَّتْ هذه القواتُ
حَمَلاَتها وداهمت الأهدافَ المُحَدَّدة وسارعتْ بإطلاق نيران وقذائف أسلحتها
جميعها في آن واحد على من تجده أمامَها من بشر أو حجر. وبعد لَحَظَات من بدء
الاشتباكات والتي كانت من طرف واحد، انتقل كبار مساعدي الوزير على رأس قوة لتفقُّد
الحالة على خطّ المُوَاجَهَة، وصرَّح مصدر مسؤول أن قواتنا لم تلقَ ايّةَ مقاومة
تُذْكَر، ولم تستطع هذه المجموعاتُ الصمودَ أمامَها، فتمَّ قتلُ العَشَرَات وأسر
المئات وسبي نسائهم واسترقاق أطفالهم وغنم أمتعتهم ومتاعهم وأموالهم وتخريب بيوتهم
وتحطيم أثاثها، وأنه من بين الشباب الذين تَمَّ اعتقالهُم من وجد وهو مُتَخَفٍّ في
ملابس إفرنجية وحالق اللحية، ولا يحمل أيّةَ علامة في جبهته تدلُّ على انتمائه
لهذه الجماعات .
كلُّ
هذه الأخبار خَصَّصَتْ لها جرائدُنا صدرَ صفحاتها، وفات على قيادتنا أن تأمر
الإذاعةَ والتليفزيونَ بقطع إرسالهما بين الحين والأخر لإذاعة بيانات النصر
والأناشيد الوطنيّة، لرفع الروح المعنويّة للشعب ، ولبثّ روح التعاون بين أفراده
والقوات المحاربة، لتحقيق مزيد من الانتصار، بإبادة هذه الجماعات عن آخرها. وفات
علينا أن نسألها: مَنْ هذه المجموعاتُ التي استعدينا واستدعينا كلَّ هذه القوات
ضدَّها؟ أَ هُمْ من اليهود أشدِّ الناس عداوةً للذين آمنوا والذين يُعَرْبِدُون في
المنطقة العربية كلها يقتلون ويأسرون ويعتقلون ما يشاءون من الرجال والنساء
والأطفال، ويهدمون المنازل والمساجد، وينشرون الإيدزَ والمُخَدِّرَات والعُمُلاَت
المُزَيَّفَةِ والبذور الفاسدة فيها. ومازالت أجهزةُ مخابراتهم تَبْذُلُ قصارى
جهدها للتجسُّس علينا لاستغلال عوامل ضعفنا. وهذه الحملاتُ لصدّهم بدلاً من
استمرارنا على مجابهتهم ومقاتلتهم بيانات الإدانة والشجب والاستنكار فقط. أَمْ
هُمْ من الصرب لتأديبهم على مجازرهم التي قاموا بها ضد مسلمي البوسنة والهرسك.
أَمْ هُمْ من القوات الأمريكية لردّ الاعتبار بعد الانتهاكات والفظائع والأهوال
التي قاموا به ضدَّ المسلمين في أفغانستان والعراق. أَمْ هُمْ من المُنَصِّرِين
الذين يقودون حَمَلاَتِهم لغزو الدول الإسلامية في آسيا وأفريقيا، وهاهُمْ قابَ
وقوسين أو أدنى من ديارنا. أَمْ هُمْ من الشيوعيين والعلمانيين وأذنابهم هنا وهناك
بعد مقارعتهم الحجةَ بالحجة وبَانَ لهم ضعفُ حججهم وهزالُ مبادئهم واسْتُنْفِذَتْ
كلُّ الطرق لردّهم للصف مرة أخرى. أَمْ هُمْ من تجار المُخَدِّرَات وبائعي الأعراض
وأصحاب الفنون الهابطة التي تَبْعَثُ الرذيلةَ وتَحَضُّ على الانحلال .
لم
تكن ضدّ أي من هؤلاء؛ بل لهؤلاء يُخَصَّصُ من يحميهم ، ومن يخترع المُبَرِّرَات
لأفعالهم ليجعلها في مصافّ الأعمال العظيمة والبطولات الخالدة. وإنما كانت ضدَّ
فتية آمنوا بالله وزادهم الله إيمانًا وهديً وتقوىً وعفاف، عكفوا على دراسة كتاب
الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ فأبى عليهم إيمانُهم أن يكون هناك تباينٌ
بين ما يتعلّمونه وبين ما يعملونه، وألاّ يطيعوا الله ورسولَه، وألا يُحَكِّمُوا
القرآنَ الكريمَ والسنةَ المُطَهَّرةَ في شؤون حياتهم جلّها وكبيرها، وأبى عليهم
إسلامُهم أن يَرَوْا الحُرُمَاتِ تُنْتَهَكُ والحدود تُعَطَّلُ ويُسْخَرُ من السلف
الصالح ويُتَطَاوَلُ على الدين وتعاليمه وعلمائه الأجلاّء الذين يبتغون وجهَ الله
ولا يخافون في الله لومةَ لائم، وأن يَرَوْا الانحرافاتِ والمفاسد والذلة والصغار
والهوان الذي نعيش فيه . فسَعَوْا لإقامة دين الله ودولة الإسلام، ولهذا ولهذا فقط
شَنَّتْ قواتُ الأمن حَمَلاَتِها عليهم .
ولكن
ماذا ننتظر من أبناء هذه الجماعات بعد كل ما حَدَثَ لهم وما يَحْدُثُ لهم داخلَ
المُعْتَقَلاَت، أ ننتظر منهم أن يتنازلوا عن إيمانهم كلِّه أو بعضِه، أو أن
يَتَخَلَّوْا عن كامل إسلامهم، أم ننتظر منهم أن يعيشوا كما يعيش غيرُهم يأكل
ويتمتع كالأنعام، أم ننتظر منهم أن يَعْفُوا ويَصْفَحُوا عن ما لَحِقَ بهم من أذى.
وكان هذا ممكنًا لو لم يكن نظامُ الحكم سار على نفس الدرب الذي سار عليه سلفُه،
فما من فترة حكمٍ إلاّ وقد وَجَّهَتْ ضرباتِها إلى أبناء الجماعات الإسلامية حتى
لم يبقَ أحدٌ منهم إلا ومَسَّه الأذى والعذابُ إيّاه أو أيًّا من أفراد أسرته. ومع
مرور السنين والعقود حدثت وستحدث تَرَاكُمَاتٌ ثأريّة كان وسيكون لها ردُّ فعل لا
يُعْرَفُ شكلُه وقوتُه ومن أين يأتي وهكذا هي طبيعة البشر، فيا ليت حكوماتِنا
تَتَّقِي شرَّ ذلك الفعل، وتعدل عن مناصبة العداء لأبناء الصحوة الإسلامية .
محـرم –
صفـر 1429هـ = ينايـر- فـبراير 2008م ، العـدد : 1-2 ، السنـة : 32.
(*) 6 شارع محمد مسعود متفرع من شارع أحمد إسماعيل وابور المياه – باب شرق – الإسكندرية ، جمهورية مصر
العربية.
الهاتف
: 4204166 ، فاكس : 4291451
الجوّال
: 0101284614
Email:
ashmon59@yahoo.com